زراعة البن في جازان مصدر دخل مهم لأهالي المناطق الجبلية في السعودية!!
08.10.2025
جازان السعودية) - تمثل زراعة البن رافدا من روافد الاقتصاد المهمة بمنطقة جازان، جنوبي المملكة العربية السعودية، وإرثا تاريخيا ومصدر دخل مهما لأهالي المناطق الجبلية والمنطقة التي تعد موطنا أصيلا لزراعة البن الخولاني، الذي تضاعفت فيه مساحات زراعة أشجار البن وإنتاجه السنوي.
وتشير الإحصائيات الحديثة إلى زيادة في إنتاج منطقة جازان من البن، إذ تخطى حاجز الألف طن سنويا تنتجه نحو ألفي مزرعة، منها أكثر من 500 مزرعة نموذجية، تضم جميعها ما يربو على 400 ألف شجرة بن، وذلك بفضل المبادرات الشاملة، ودعم وتدريب المزارعين على الأساليب الحديثة، وتركيب أنظمة الري الذكية، وإنشاء مختبرات لتحسين الجودة، إلى جانب برامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة.
ويعد مهرجان البن السعودي الذي يقام كل عام، تظاهرة ثقافية واقتصادية تبرز أهمية زراعة البن في منطقة جازان، وكرنفالا يحتفي بكل الجهود التي أسهمت في تطوير ونمو زراعة هذه الشجرة ذات المردود الاقتصادي العالي وطويل الأجل.
كما تُعد زراعة البن في منطقة جازان إرثا متأصلا عبر الأجيال وهوية ثقافية واجتماعية، وقد شهدت تطورا كبيرا بفضل مبادرات الدولة التي عززت إنتاجية البن السعودي وجودته ممثلة في المكتب الإستراتيجي لتطوير منطقة جازان، وهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وأرامكو السعودية، والشركة السعودية للقهوة، وخطت به إلى العالمية، متجاوزة التحديات الجغرافية من قلة المياه، والنقل في الطرق الجبلية، وتراجع الاهتمام بهذا المنتج في الماضي.
ويأتي الاحتفاء باليوم العالمي للقهوة الذي يوافق غرة أكتوبر من كل عام، فرصة للتعريف بمنطقة جازان كونها موطن القهوة السعودية وإحدى أهم مناطق زراعة البن في المملكة، وتتمتع محافظاتها الجبلية بظروف مناخية وجغرافية مثالية لزراعة البن، في محافظات الدائر، وفيفاء، والعارضة، والريث، وهروب، والعيدابي، التي تشتهر بالبن السعودي الأشهر والأجود بين أنواع البن.
ويعد البن العربي “الخولاني” الذي تشتهر مرتفعات جازان بإنتاجه من أفضل أنواع البن عالميا، ليكون المصدر الأهم للقهوة كما يفضلها أبناء المملكة العربية السعودية ومعظم الدول الخليجية والعربية خفيفة التركيز ذات لون أصفر ذهبي مائل إلى البني، تزينه حبات الهيل والبهار أو الزنجبيل التي يضعها صناع القهوة العربية لتضيف نكهة ورائحة زكية مميزة للقهوة، التي تقدم للضيوف، ويتناولها جميع أفراد الأسرة عادة مع التمر أو الحلوى أو بمفردها في عادة عربية أصيلة ارتبطت بالكرم العربي الأصيل.
وتبدأ رحلة حبة البن من المزرعة إلى الفنجان. ووفقا للمزارع جبران محمد يحيى المالكي الحاصل على جائزة أفضل مزرعة نموذجية بالمنطقة، فإن حبة البن تُمرّ برحلة طويلة قبل أن تصل إلى الفنجان، تبدأ من زراعة الشتلات والعناية بها حتى تثمر، ثم تُقطف حبوب البن بعناية فائقة، وتُجفف تحت أشعة الشمس، وتُقشر، ثم تُحمص وتُطحن لتصبح جاهزة للإعداد وتناولها وتقديمها.
وتحتاج أشجار البن منذ غرسها حتى تثمر مدة تصل إلى 5 سنوات من الرعاية المنتظمة، بما في ذلك الري والتسميد والتقليم ومن ثم حصاد حبوب البن الذي يتمّ يدويًا، وتجفيفها ومعالجتها قبل تحميصها وطحنها، وأكد المالكي أن القهوة العربية تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من ثقافة أهالي جازان، في إكرامهم للضيوف، من خلال تحضيرها بطريقة تقليدية باستخدام أدوات خاصة مثل “المعاميل” و”الجبنة” و”المهباش” و”الفناجين الصغيرة”.
ويُعود تاريخ زراعة البن في جازان إلى قرون خلت، حيث تمتاز المنطقة بتربتها الخصبة ومناخها المثالي لنمو أشجار البن وإزهارها وطرح ثمارها، فشملت زراعة البن جميع محافظات القطاع الجبلي بجازان من العارضة جنوبا، مرورا بمحافظات فيفا، والدائر بني مالك، والعيدابي وهروب، وصولا إلى محافظة الريث المجاورة لمنطقة عسير التي تعد هي الأخرى مع منطقة الباحة من المناطق التي عرفت بزراعة البن، ليصبح بذلك مصدرا مهما للرزق لسكان هذه المناطق والمحافظات.
وتُغطي مزارع البن مساحات شاسعة من جبال جازان، لتُشكل لوحة طبيعية خلابة تسحر الأنظار، من خلال نظام زراعي تقليدي تعارف عليه الأهالي، يعتمد على الأمطار الموسمية والري اليدوي، مما يُضفي على قهوة جازان طابعا خاصا يُميزها عن غيرها.
وتتطلب زراعة البن عناية خاصة ودقة في كل خطوة، بدءًا من اختيار الشتلات المناسبة وزرعها في التربة المُخصّصة، مرورا بالري والتسميد ومكافحة الآفات، وصولا إلى مرحلة الحصاد التي تتميز بدقة انتقاء حبوب البن الناضجة، مما جعل مزارع بن جازان ذات ميزة نسبية، تبرز في توفر التربة الخصبة والمناخ المعتدل، اللذين يعدان عاملين مثاليين لنمو أشجار البن وإنتاج حبوب عالية الجودة منه، إضافة إلى ما تحظى به زراعة البن من اهتمام كبير من قبل السلطة، حيث يتمّ تقديم الدعم للمزارعين عبر برامج التمويل والتدريب، وتطوير تقنيات زراعة البن وتحسين جودة الإنتاج.
وتتعدى أهمية زراعة البن في جازان الجانب الثقافي والتراثي والزراعي لتبرز كواحد من أهم الجوانب الاقتصادية بالمنطقة، حيث تُوفر فرص عمل لعدد كبير من السكان، وتُساهم في تنمية المنطقة وتحسين مستوى معيشة أهلها، خاصة بعد تخطي عدد أشجار البن في المنطقة 400 ألف شجرة، يتجاوز إنتاجها الإجمالي من البن الـ1000 طن سنويا!!
www.deyaralnagab.com
|