logo
1 2 3 41146
صحافة : ميديابارت: أنس الشريف الصحافي “الشجاع” الذي وثقّ المجازر الإسرائيلية والمجاعة التي أصابت سكان غزة!!
12.08.2025

تحت عنوان: “إسرائيل تغتال ستة صحافيين فلسطينيين في غزة من بينهم المراسل الشهير أنس الشريف”، أوضح موقع “ميديابارت” الفرنسي أن أنس الشريف (28 عاما) كان واحدا من أبرز الوجوه الإعلامية في غزة. عمل مراسلا لقناة الجزيرة القطرية، وكان ينقل عدة مرات يوميًا، على شاشات ملايين المشاهدين في العالم العربي، المجازر الإسرائيلية التي دمّرت القطاع الفلسطيني الصغير منذ أكثر من اثنين وعشرين شهرًا. بخوذته على رأسه وسترة واقية من الرصاص تحيط بجسده النحيل، كان من القلائل الذين بقوا في شمال غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.
وثّق الشريف مئات القصف الجوي، والاجتياح الإسرائيلي الذي اتخذ طابع التطهير العرقي في مخيم جباليا وشمال مدينة غزة في خريف 2024. كما صوّر الجوع والإرهاق الذي أصاب سكان غزة، والذي أصابه هو أيضًا في نهاية المطاف، قبل أن يُقتل هذا المراسل الميداني الشاب ليلة الأحد في قصف إسرائيلي استهدف الخيمة التي كان يعمل فيها مع زملائه أمام مستشفى الشفاء. وقد تبنّت إسرائيل عملية اغتياله، وادّعت، دون تقديم أدلة ملموسة، أنه قائد خلية تابعة لحركة حماس، يقول “ميديابارت”.
قُتل معه خمسة صحافيين آخرين وسائقهم في القصف. ثلاثة منهم كانوا أيضًا ضمن فريق الجزيرة: المراسل محمد قريقع، والمصوران إبراهيم ظهير ومحمد نوفل. أما الآخران، محمود عليوة ومحمد الخالدي، فكانا صحافيين مستقلين. وأصيب ثلاثة صحافيين آخرين: محمد صبح، ومحمد قيطا، إضافة إلى الصحافي في الجزيرة أحمد الحزازين، وهو الناجي الوحيد من مراسلي القناة القطرية في المكان، بحسب المعلومات التي جمعتها منظمة “مراسلون بلا حدود”.
الصحافيون الفلسطينيون متروكون لمصيرهم
دانت قناة الجزيرة ما وصفته بأنه “هجوم واضح ومتعمد آخر ضد حرية الصحافة”، مشيرةً إلى أن مراسلها كان هدفًا لتهديدات متكررة من عدة “مسؤولين إسرائيليين”، ونددت بالإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل. وأضاف البيان: “إن الأمر باغتيال أنس الشريف، أحد أشجع الصحافيين، وزملائه، هو محاولة يائسة لإسكات الأصوات التي تكشف عن الاحتلال الوشيك لغزة”.
صباح هذا الاثنين، تجمع زملاؤهم وأصدقاؤهم وأقاربهم لتوديعهم في ساحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة. في الخلفية، كانت المباني المدمرة والمحترقة للمستشفى تزيد المشهد بؤسًا. جُثثهم، التي لُفّت بأكفان بيضاء، غُطيت بعلم فلسطين أو بسترة واقية مكتوب عليها “Press”. كان المشهد مؤلمًا إلى حد كبير، حيث إنه منذ السابع من أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 200 صحافي وإعلامي فلسطيني في غزة، نحو ربعهم أثناء عملهم، يُشير “ميديابارت”.
تحظر إسرائيل دخول المراسلين الأجانب إلى قطاع غزة بشكل مستقل، مما يجعل عمل الصحافيين الفلسطينيين أكثر أهمية، باعتبارهم الشهود الوحيدين على الإبادة الجماعية. يقول هشام زقوت، مراسل الجزيرة من غزة، لموقع “ميديابارت”: “أنا حزين ومجروح. نشعر كصحافيين أننا تُركنا من قِبل جميع المؤسسات الإعلامية الدولية. يجب الضغط على الاحتلال لوقف استهداف الصحافيين. لم أرَ في حياتي صحافيًا أكثر شجاعة”. كما تحدث زقوت بعاطفة عن محمد قريقع، الرجل الحساس الذي كانت كلماته “تصل إلى قلوب المشاهدين”. وقد قضى شهورًا طويلة بعيدًا عن أسرته “من أجل عمله، الذي كان يعتبره مقدسًا”.
وبصوت متعب، روى الصحافي هاني محمود، الذي ما يزال تحت وقع الصدمة، أنه كان على بُعد شوارع قليلة من موقع الانفجار. قال لقناة الجزيرة الإنكليزية: “في مثل هذا الوقت من المساء، تهدأ الأوضاع قليلًا، ويتجمع جميع الصحافيين في مكان واحد، يحاولون النقاش ومساعدة بعضهم البعض”. وشدد على أن الهجوم وقع “بعد أسبوع من اتهام مباشر من مسؤول عسكري إسرائيلي لأنس، وشنه حملة ضد الصحافيين الفلسطينيين في الميدان بسبب تغطية على قضية الجوع وسوء التغذية”.
وقد تبنّى الجيش الإسرائيلي القصف، متهمًا أنس الشريف بأنه قائد خلية في حماس “مسؤول عن إعداد هجمات صاروخية ضد مدنيين إسرائيليين وقوات الجيش الإسرائيلي”. وأكدت القوات أنها تمتلك أدلة على هذه الاتهامات، وهي ليست جديدة. ففي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2024 يُذكِّر “ميديابارت”، كان الجيش الإسرائيلي قد نشر جداول تتهم أنس الشريف وخمسة مراسلين فلسطينيين آخرين في الجزيرة -الذين كانوا من القلائل المتبقين في شمال غزة آنذاك- بأنهم مقاتلون في حماس أو الجهاد الإسلامي. أحدهم، حسام شبات، الذي قُتل في قصف استهدفه في 24 مارس/ آذار الماضي.
في 31 يوليو/ تموز عام 2024، وبعد اغتيال إسماعيل الغول، ربطه الجيش أيضًا بحماس. ووفقًا للوثائق التي نُشرت، فإن المراسل الشاب، المولود عام 1997، كان قد حصل على رتبة عسكرية في الحركة عام 2007 حين كان يبلغ 10 أعوام فقط.
“خنق الحقيقة”
أعيدت الاتهامات ضد أنس الشريف في 24 يوليو/ تموز من قبل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، الذي كتب على منصة X أن الشريف “جزء من الآلة العسكرية لحماس”. وبعد ذلك بأسبوع، دانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحماية حرية الرأي والتعبير، إيرين خان، هذه التهديدات، ودعت الدول إلى حماية أنس الشريف. وقالت في بيان: “إن الاغتيالات، والهجمات، والاعتقالات التعسفية، والمضايقات ضد الصحافيين الفلسطينيين، إضافة إلى تدمير مقرات إعلامية ومعدات في غزة والضفة الغربية، جزء من إستراتيجية متعمدة من إسرائيل لخنق الحقيقة”.
كان أنس الشريف قد نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع. وقد قُتل والده في قصف إسرائيلي استهدف منزله في مخيم جباليا شمال غزة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2023. وقبل اغتيال المراسل الميداني الشاب، كانت إسرائيل قد قتلت ما لا يقل عن ستة صحافيين من الجزيرة، أربعة منهم أيضًا اتُّهموا بأنهم مقاتلون.
وُلد أنس الشريف في أزقة مخيم جباليا، أكبر مخيمات غزة، وكان يأمل في أن يمنحه الله ما يكفي من العمر ليعود إلى الأرض التي طُرد منها أجداده عام 1948، وهي اليوم مدينة عسقلان في إسرائيل. وفي رسالة نُشرت بعد وفاته على منصة X، وجّه أنس تحية لزوجته، وطفليه شام وصلاح. وكتب في ما يبدو كوصية، صاغها بالإنجليزية في أبريل/نيسان الماضي: “لقد عشت الألم بكل تفاصيله، وتذوقت المعاناة وفقدان الأحبة مرات عديدة. اللهم اشهد على من ظلوا صامتين، وعلى من قبلوا بمجزرتنا، وعلى من خنقوا أنفاسنا وبقيت قلوبهم باردة أمام أشلاء أطفالنا ونسائنا”


www.deyaralnagab.com