صحافة : صحيفة إسبانية تؤكد “الفرار المذهل للجنرال ناصر الجن من الجزائر إلى إسبانيا” بهذه الطريقة!!
25.09.2025
أكدت صحيفة “إلكوفيندثيال” الإسبانية “الفرار المذهل (كما وصفته) للجنرال عبد القادر حداد، الملقب بـ”ناصر الجن”، مدير الأمن الداخلي الجزائري السابق، إلى إسبانيا”.
ونقل الصحافي الإسباني (الخبير في الشؤون المغاربية) إيغناسيو سومبريرو عن مهاجرين جزائريين، ومصادر من الحكومة المحلية في مقاطعة إليكانت (جنوب إسبانيا) أنه “بين ليلة 18 وصباح 19 سبتمبر/ أيلول الحالي، تحايل الجنرال ناصر الجن على الحراسة المفروضة عليه، وفر من الساحل الجزائري إلى الساحل الإسباني على متن قارب سريع ـ على طريقة المهاجرين السريين (الحراقة)ـ وقد وصل إلى ساحل كوستا بلانكا بأليكانتي”.
ووفق الكاتب فإن “فرار الجنرال ناصر الجن يُظهر تبدل الحسابات والتنافس في القيادة العسكرية للجيش الجزائري”.
وحسبه فعلى الرغم من مراقبته من قبل الشرطة العسكرية، تمكن “ناصر الجن” من الفرار، و”لدى وصوله إلى أليكانتي، قال إنه اتخذ القرار لأنه كان يعلم أنه سيُقتل قبل المثول أمام القاضي. وأضاف أن “وفاته كانت ستُقدم على أنها انتحار”.
وذكر أن “عبد القادر حداد يعرف إسبانيا، جيدا حيث يمتلك عقارات هناك. وكان ذهب إلى المنفى في أليكانتي في نهاية العقد الماضي هربًا من عمليات التطهير التي نفذها رئيس الأركان، الجنرال أحمد قايد صالح، بعد الإطاحة بالجنرال محمد مدين في عام 2015 وتفكيك مديرية الاستعلامات والأمن القوية (DRS) (وفقًا للأحرف الأولى من اسمها الفرنسي)”.
وذكر التقرير أن إسبانيا هي المكان الذي اختاره عدد كبير من العسكريين والسياسيين الجزائريين لشراء المنازل، وعندما تسوء الأمور، للاختباء. فالجنرال خالد نزار، الذي كان رئيس أركان الجيش ثم وزير الدفاع، استقر في برشلونة في عام 2019، قبل أن يُحكم عليه بالسجن 20 عامًا بتهمة “التآمر ضد الدولة”. وقد عاد للجزائر بعد وفاة قايد صالح في ديسمبر 2023، ثم توفي نزار بعدها بقليل”.
وأضاف “أن منفيين جزائريين آخرين كانت نهايتهم أسوأ، مثل العقيد عمر بن شعيد وابنه، اللذين توفيا في عام 2001 بعد أن دهسهما قطار في أليكانتي، وهي وفاة أثارت فضول الشرطة”.
ولفت إلى أنه “بعد الوفاة المفاجئة للفريق قايد صالح الذي كان وراء التطهير، في ديسمبر 2019.أنهى الجنرال حداد منفاه، بعد عودته إلى الجزائر، تم تعيينه أولاً مديرًا للمركز الرئيسي العملياتي، وهو ثكنة في الجزائر العاصمة يُنقل إليها المعتقلون لاستجوابه، ثم رقاه الرئيس عبد المجيد تبون، بعد ذلك في يونيو/ حزيران 2024، وعينه على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي. وقد دعم حداد بشكل غير علني ليتم إعادة انتخابه رئيسًا في سبتمبر من نفس العام”.
وبحسب التقرير فإن سقوط حداد يُفسر، وفقًا لما كتبه الصحافي الجزائري فريد عليلات، لأنه “بدأ تحقيقات حول الفساد والسمسرة التي كانت تشمل أشخاصًا مقربين ومتعاونين مع رئيس الدولة”، وتساءل صحافي مجلة “لوبوان” الفرنسية: “هل هددت هذه التحقيقات مصالح الأقوياء؟”.
وأشار التقرير إلى “أنه لم يتم تسليم العسكريين الجزائريين برتبهم العليا من قبل إسبانيا إلى العدالة الجزائرية عكس أولئك من الرتب الدنيا، ففي عام 2022، رحل وزير الداخلية، فرناندو غراند مارلاسكا، إلى الجزائر أحد الجندي السابق محمد بن حليمة، الذي كان ينتقد فساد الجيش الجزائري على يوتيوب وقد حُكم عليه بالإعدام من قبل محكمة عسكرية في البليدة، على الرغم من أن الحكم لن يُنفذ. وبعدها بستة أشهر، قامت وزارة الداخلية أيضًا بترحيل جندي سابق آخر، هو محمد عبد الله، إلى الجزائر، على الرغم من أنها سمحت لزوجته وطفليه بالبقاء في إقليم الباسك، حيث كانت الأسرة تقيم. كلاهما يقضي عقوبات طويلة في بلدهما”.
انتشار أمني غير مسبوق
وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية، ذكرت السبت الماضي، أن الجزائر العاصمة وضواحيها شهدت يومي 18 و19 سبتمبر/أيلول انتشارا أمنيا واسعا وصفته بـ”غير المسبوق منذ العشرية السوداء في التسعينيات”، وذلك عقب فرار المدير السابق لجهاز الأمن الداخلي، اللواء عبد القادر حداد الملقب بـ”ناصر الجنّ”، والذي كان تحت الإقامة الجبرية منذ إقالته في مايو/أيار الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات أقامت حواجز للشرطة والجيش وأغلقت الطرقات، فيما جرى تفتيش المركبات حتى من قبل عناصر بزي مدني، ما تسبب في ازدحامات خانقة شلّت حركة المرور لساعات طويلة. وترافق ذلك مع طلعات لمروحيات في مشهد أوحى بعملية مطاردة لفارٍّ من العدالة.
وأضافت الصحيفة أن ناصر الجن، بعد إقالته مباشرة، أُوقف وسُجن أولاً في السجن العسكري بالبليدة ثم في بشار (جنوب غرب البلاد)، قبل أن يُوضع تحت الإقامة الجبرية في فيلا بحي دالي إبراهيم بأعالي العاصمة. غير أنه تمكن منتصف هذا الأسبوع من الإفلات من مراقبيه، وفق مصدر رسمي بالجزائر.
وبحسب لوموند، فإن اختفاء ناصر الجنّ أحدث “صدمة عنيفة” في هرم السلطة الجزائرية، ما دفع إلى عقد اجتماع طارئ للمجلس الأعلى للأمن، وسط حديث عن تواطؤات داخل الأجهزة سمحت بفراره.
رأت لوموند أن عمليات التفتيش والمداهمات المكثفة في العاصمة تعكس حالة من الارتباك الشديد حيث من الواضح أن فرار الجنرال عبد القادر حداد لم يكن ممكنًا لولا وجود تواطؤ داخل الأجهزة الأمنية
ورأت لوموند أن عمليات التفتيش والمداهمات المكثفة في العاصمة تعكس حالة الارتباك الشديد داخل النظام، حيث من الواضح أن فراره لم يكن ممكنا لولا وجود تواطؤ داخل الأجهزة الأمنية، في مؤشر على عمق الانقسامات رغم خطاب “الجزائر الجديدة” الذي يرفعه الرئيس تبون.
وتابعت الصحيفة أن التزام وسائل الإعلام المحلية، الخاضعة لرقابة السلطة، الصمت حيال هذه القضية زاد من منسوب الشائعات حول مكان وجود الجنرال الفار. بعض الروايات تقول إنه غادر إلى إسبانيا حيث عاش سابقاً بين 2015 و2020، فيما تؤكد أخرى أنه لا يزال في الجزائر. كما تداولت أنباء عن اعتقال ضباط يُشتبه بتورطهم في مساعدته.
وأكدت لوموند أن الاهتمام بالقضية يعود إلى شخصية ناصر الجن الذي يُعتبر “خزان أسرار” للنخبة الحاكمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحادثة ليست سوى فصل جديد من مسلسل الاضطرابات داخل النخبة السياسية والعسكرية، إذ سبقت إقالة ناصر الجن في مايو الماضي، إقالة الجنرال مهنا جبار، مدير جهاز المخابرات الخارجية، في سبتمبر 2024. ومنذ وصول تبون إلى الحكم عام 2019، تعاقب على رئاسة المخابرات الخارجية سبعة مسؤولين، وخمسة على رئاسة الأمن الداخلي.
وأضافت أن هذه الاضطرابات تعكس عمق الهزات التي أحدثها حراك 2019-2020 الشعبي، الذي جعل من حملات التطهير أمرًا متكرراً. وبحسب لوموند، يقبع حالياً نحو 200 ضابط سام في السجون، بينهم حوالي 30 جنرالاً. بعضهم عاد لاحقاً إلى الواجهة بعد أن كان من المغضوب عليهم، مثل الجنرال عبد القادر آيت وعرابي، المعروف بـ“الجنرال حسان”، الذي خلف ناصر الجن، بعد أن قضى هو نفسه سنوات في السجن العسكري بين 2015 و2021.
ومضت الصحيفة موضحة أن محللين يعتبرون أن توازنات النظام اهتزت منذ عام 2015، عندما قرر الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بدعم من رئيس الأركان آنذاك الجنرال أحمد قايد صالح، تفكيك جهاز الاستخبارات القوي الذي كان يقوده الفريق محمد مدين، الشهير بـ“توفيق”.
وأوضحت أن هذا القرار – الذي جاء بعد هجوم تيڨنتورين المأساوي عام 2013 – زعزع المنظومة الثلاثية التي كانت تمثل أركان السلطة: رئاسة الجمهورية، قيادة الجيش، والاستخبارات، في وقت أدى فيه صعود الأوليغارشية الاقتصادية التي شجعها بوتفليقة إلى خلق قطب نفوذ رابع قائم على المصالح المالية والفساد.
ونقلت لوموند عن الباحث وأستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة باريس 8، علي بن سعد، قوله: “كان جهاز الاستخبارات يمثل في الوقت نفسه فصيلاً وحكماً، ونقطة توازن بين الجيش والمجتمع، وداخل المؤسسة العسكرية نفسها. ومع زواله، تلاشت قدرة المنظومة العسكرية على ضبط الأمور داخلياً. وباتت المؤسسة العسكرية تعيش على وقع عدم استقرار مزمن، حيث تتقاطع صراعات الأجنحة، وسط تذمّر ضباط يعتبرون الوضع الحالي غير قابل للاستمرار
www.deyaralnagab.com
|