صحافة : كيف أفشلت المقاومة أهداف الاحتلال في غزة على مدار عامين؟
07.10.2025
غزةـ تطوي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عامها الثاني ولا تزال المقاومة الفلسطينية توقع جنود الاحتلال في كمائن محكمة رغم استخدام الاحتلال كل أنواع الأسلحة الفتاكة، واتباع سياسة الأرض المحروقة للقضاء على الخلايا الفلسطينية المسلحة.
ومنذ الأيام الأولى لاندلاع العدوان على غزة حددت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو 3 أهداف أساسية، يتمثل أولها في القضاء على حركة حماس سياسيا وعسكريا، واستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، وثالثها تغيير الواقع الأمني والسياسي في غزة بما يمنع أي تهديد مستقبلي.
ومنذ ذلك الحين لم تحقق أي من أهداف نتنياهو، رغم أن جيش الاحتلال اتخذ من قتل عشرات آلاف المدنيين وتدمير مئات آلاف المباني السكنية والإجهاز على مقومات الحياة طريقا لإخضاع فصائل المقاومة، فكيف أفشلت المقاومة الفلسطينية أهداف الاحتلال العسكرية في قطاع غزة؟
يكشف قيادي ميداني في فصائل المقاومة الفلسطينية عن الخطوات التي اعتمدتها المجموعات المسلحة لمجابهة الاحتلال وإيقاع جنوده بين قتيل وجريح داخل قطاع غزة، مستخلصة العبر من المعارك التي دارت في جميع المحافظات.
تتمثل هذه الخطط في: امتصاص صدمة كثافة الغارات الجوية التي اعتمدها الجيش الإسرائيلي من خلال الأحزمة النارية التي استخدمها مبكرا في أول عملياته البرية بمدينة غزة بهدف تدمير المباني والطرق قبل الدخول لأي منطقة.
اعتماد الخطط الدفاعية التي كانت معدة مسبقا، وتشمل جميع السيناريوهات التي يمكن أن ينفذها الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة.
مهاجمة العدو بعد استقراره داخل المناطق، وذلك بعد اعتقاده أنه فرض سيطرة نارية تحول دون مهاجمته.
الاعتماد على الكمائن التي تنفذها مجموعات مركزة بهدف إيقاع أكبر عدد من الجنود في مقتلة.
الاعتماد على الأنفاق الهجومية لمباغتة العدو، وإصلاح ما تم تدميره منها خلال العدوان.
تقنين استخدام الأسلحة وتوجيهها لكمائن مركزة تماشيا مع طول أمد المعركة.
استنزاف الجيش الإسرائيلي في معركة طويلة يصعب عليه أن يحسمها في الميدان.
الاعتماد على العقيدة القتالية للمقاومين، المبنية على المواجهة حتى اللحظات الأخيرة، وعدم وجود أي معنى للاستسلام في قاموسهم.
الاستفادة من المعرفة الجيدة بطبيعة ميدان القتال وفهم تضاريسه حتى لو حوّل الاحتلال المناطق التي يتوغل بها إلى ركام.
توثيق جميع المعارك لضرب الروح المعنوية لجنود الاحتلال، وإبراز شجاعة المقاتلين الفلسطينيين في المواجهة.
ويقول المحلل السياسي الفلسطيني ياسر أبو هين إنه بعد مرور عامين على الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة، لا يمكن القول إن الاحتلال الإسرائيلي قد حقق أهدافه المعلنة في بداية الحرب.
وأوضح أبو هين، أن أهداف الاحتلال كانت تتضمن القضاء على المقاومة الفلسطينية، وفرض تهجير وتفريق سكان قطاع غزة، واستعادة الأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
لكن عند فحص هذه الأهداف بدقة، نجد أن الاحتلال فشل في تحقيق أغلبها بشكل حاسم.
وأضاف "طالما أن المقاومة لا تزال قائمة وتستمر في المواجهة، وطالما أن قيادة المقاومة موجودة رغم الخسائر التي تعرضت لها، فهذا يدل على أن هدف الاحتلال الأكبر المتمثل بالقضاء التام على بؤرة المقاومة وسلخ غزة عن المشروع الوطني الفلسطيني لم يتحقق".
وأشار أبو هين إلى أن استمرار مفاوضات الاحتلال مع قيادة المقاومة وحركة حماس يعد دليلا آخر على أن ملفات مهمة لا تزال مفتوحة وأن الاحتلال لم يبلغ مبتغاه النهائي.
ورغم الأضرار المادية والبشرية الهائلة، تبقى القدرة على المقاومة والصمود عوامل تحول دون تحقيق أهداف الاحتلال المعلنة بالكامل.
وبحسب المحلل السياسي، فإنه رغم الهجمة الطاحنة والحرب الشرسة التي شنت على المقاومة، فإنها استطاعت تجاوز كل الظروف الصعبة.
وأكد أبو هين أن أداء المقاومة خلال هذين العامين، بالنظر إلى الإمكانات المحدودة والمخاطر الكبيرة والتهديدات المستمرة وحجم الاستهداف، يمكن وصفه بأنه أسطوري بكل المقاييس.
ولفت إلى أن حجم ونوعية الفعل العسكري، والأداء المخطط والمنظم والمحكم، وضبط الإيقاع الميداني، والتحكم في ساعات الذروة والتصعيد، تعطي جميعها مؤشرا واضحا على الأداء الإيجابي للمقاومة وقدرتها على إفشال أهداف الاحتلال.
تشير الوقائع الميدانية إلى أن المقاومة الفلسطينية في غزة لا تزال قائمة، وتمكنت من إفشال أهداف الاحتلال المعلنة، كما يقول رامي خريس مدير المركز الفلسطيني للدراسات السياسية.
ونوه خريس، إلى أن المقاومة لا تزال موجودة على الأرض، وتحتفظ بملف الأسرى الجنود لديها، وتمكنت من هز صورة الجيش الإسرائيلي داخليا وخارجيا.
ولفت خريس إلى أنه رغم مرور عامين على الحرب لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تغيير الواقع الأمني، فالمستوطنون في غلاف غزة يعيشون قلقا دائما.
وأضاف أنه رغم الضربات القاسية التي أصابت المقاومة وكوادرها، فإنها أثبتت قدرتها على الصمود أمام آلة عسكرية متطورة ومدعومة أميركيا وغربيا.
من جهة أخرى، أوضح خريس أن الاحتلال نجح في تحقيق أهداف غير معلنة تمثلت في الدمار الواسع وقتل المدنيين وتجويع السكان وتهجيرهم.
وفي السياق ذاته، يقول الكاتب السياسي ماجد الزبدة إنه بعد مرور 24 شهرا على حرب الإبادة الجماعية غير المسبوقة، واضح أن حكومة نتنياهو فشلت في تحقيق الأهداف الإستراتيجية المعلنة لهذه الحرب.
وأضاف الزبدة، "اليوم يحاول الاحتلال عبر المكر والدهاء السياسي ومن خلال الإدارة الأميركية وضغوطها، أن ينتزع من المقاومة الفلسطينية ما عجز عن تحقيقه في الميدان، وذلك بعدما وقع جيش الاحتلال فعليا في شراك القطاع، وبات يعيش حالة استنزاف مستمرة".
www.deyaralnagab.com
|