أحدث الأخبار
الأحد 28 كانون أول/ديسمبر 2025
الزواج المبكر يفاقم نسب التسرب المدرسي في صفوف الفتيات العراقيات!!
بقلم : الديار ... 28.12.2025

بغدادـ يشهد العراق، تراجعاً صادماً في قطاع التعليم، حيث بلغت معدّلات التسرّب المدرسي فيه أرقاماً مثيرة للقلق، خصوصاً بين الفئات السكانية الضعيفة التي تشمل الأسر الفقيرة، والنازحين والفتيات والمناطق الريفية. وتواجه العديد من الفتيات في العراق، قيودا اجتماعية أبرزها الزواج المبكر، الذي يؤثر على إكمال تعليمهن المدرسي والنهوض بمستقبلهن.
وكشفت نتائج حملة عودة المتسربين إلى مقاعد الدراسة أن الزواج المبكر وصعوبات التعلم كانتا من بين أسباب التسرب المدرسي بنسبة بلغت 4.8 في المئة، بينما بلغت نسبة تأثير الأصدقاء 14.2 في المئة، في حين استحوذت عدم رغبة الأهل بالتعليم على نسبة مهمة أيضا. وأكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول ارتفاع نسبة تسرب الفتيات من المدارس، وزواج أكثر من مليون فتاة قاصر تحت سن الخامسة عشرة في العراق.
ولم تفاجئ نتائج التقرير المنظمات العاملة في مجال المرأة والناشطات الحقوقيات في البلاد، بل إن بعضها يرى أن النسبة المذكورة لا تعطي صورة دقيقة عن وضع المرأة في العراق من ناحيتي التسرب من المدارس والزواج المبكر.
*أكثر من رُبع النساء العراقيات تزوجن دون سن الـ18، ما يعادل امرأة متزوجة من كل أربعة، وفقاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة عام 2022،
وذكر التقرير أن أكثر من نصف المتسربين من الدراسة والذين يتجاوز عددهم ثلاثة ملايين ونصف المليون في البلاد، هن من الإناث وأن عدد الذكور المتسربين أقل بكثير وهناك ربط واضح في التقرير بين التسرب والزواج المبكر، إذ أن معظم الفتيات اللواتي يتركن الدراسة يتزوجن في سن مبكرة وهو أحد أهم أسباب ترك الدراسة بعد العامل الاقتصادي.
وترى ناشطات نسويات أن التسرب المبكر للفتيات من المدرسة هو الذي يدفعهن إلى التفكير في الزواج طالما أن حياتهن خلت من أي نشاط دراسي أو معرفي، وهو ما يدفع العائلة في أحيان كثيرة إلى التفكير في تزويج الفتاة في سن مبكرة ليقع بعد ذلك الطلاق المبكر.
وتقول ناشطات إن سجلات المحاكم العراقية تروي قصصاً لم تكن شائعة من قبل. فهناك مراهقات ومراهقين يقدمون طلباً للمحاكم للطلاق للمرة الثانية وعندما يسألون عن سبب الطلاق يأتي الجواب من نوع “لم أعد أطيق الحياة معه/ معها والموت أهون”. أما إذا سألت عن سبب الزواج المبكر أصلاً فتجيبك الفتاة غالباً “تركت الدراسة فأين أذهب؟ تزوجت”.
وترى الناشطات أن الوضع ليس مسكوتاً عنه تماماً في العراق. لكن المشكلة تكمن في تعطيل القوانين النافذة ومنها قانون التعليم الإلزامي الذي يجبر الأهل على تدريس أبنائهم وبناتهم على حد سواء. وكذلك قوانين الأحوال الشخصية التي باتت لا تعمل في الشكل المطلوب فأصبحت العائلات تعقد لبناتها خارج المحاكم، ثم تستخدم الحيلة لتصديق عقود الزواج بعد إقامة دعوى قضائية على الزوج تنتهي بقرار القاضي إلزام الزوج بعقد القران داخل المحكمة.
أما الطلاق، وفق الناشطات، فلا قوانين تعيقه والنساء أكثر شجاعة من الرجال في هذا الجانب فهن من يتقدمن بطلب الطلاق فيما أجازت القوانين المضافة حق المرأة في خلع زوجها بعد التخلي عن حقوقها وهو ما بات يخيف الرجال ويدفعهم إلى المواققة على الانفصال قبل الوصول إلى قاعات المحاكم.
ويصف خبراء قانونيون واجتماعيون في العراق زواج القاصرات بأنه جهل، ويقولون إنه لو كان يدرك أولياء أمورهن أهمية التعليم، فسيُفكرون به “باعتباره حصناً وحماية للبنت أفضل من الزواج بهذا العمر”، لكن الظاهرة موجودة وقد تتعزز قانونياً.
يُروهق استمرار ظاهرة زواج القاصرات المجتمع العراقي، خصوصاً في المدن والأرياف البعيدة، بسبب ما تخلّفه من مشاكل كثيرة، أبرزها الطلاق والوفاة أثناء الولادة، وتسجيل حالات انتحار وهروب لمتزوجات قاصرات من منزل الزوج.
30في المئة من أطفال العراق لا يكملون تعليمهم الابتدائي، ويزداد الوضع خطورة في المرحلة الثانوية، إذ تقترب معدلات التسرّب المدرسي إلى 45 في المئة، وقد تصل إلى 50في المئة في بعض المناطق
ووفقاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة عام 2022، تزوجت أكثر من رُبع النساء العراقيات دون سن الـ18، ما يعادل امرأة متزوجة من كل أربعة. وأكدت المديرة العامة لدائرة التنمية في وزارة التخطيط مها عبد الكريم أن عدد المتزوجات دون سن الـ15 ارتفع من نسبة 7.2في المئة عام 2018 إلى 9.9في المئة عام 2021. وربطت عبد الكريم هذه النسب بقلة التعليم، والوضع المعيشي السيئ، والعادات والتقاليد، إذ “لا يزال رب الأسرة يرى أن المكان المناسب للمرأة هو بيت الزوج حتى إذا لم ترغب بذلك، في حين أنه يفترض أن تمنح حق تقرير مصيرها في سن البلوغ”.
وبات الزواج المبكر ورفض الأهل لتعليم بناتهن السببين الرئيسيين وراء التسرب المدرسي للفتيات. ووفق تقرير لمنظمة اليونيسف لعام 2023، لا يملك نحو 30في المئة من أطفال العراق تعليمهم الابتدائي، ويزداد الوضع خطورة في المرحلة الثانوية، إذ تقترب معدلات التسرّب المدرسي إلى 45 في المئة، وقد تصل إلى 50في المئة في بعض المناطق.
وكشفت مصادر تربوية عراقية، عن إجراءات تم اتخاذها أسهمت في تحجيم ظاهرة التسرب المدرسي في العراق، مؤكدة أن وزارة التربية بالتعاون مع جهات أخرى ومنها يونيسيف تمكّنت من إعادة نحو 250 ألف طالب متسرب إلى المقاعد الدراسية في عام 2024، فيما أشارت إلى استمرار التحركات والجهود في هذا المجال، وسط دعوات إلى وضع حلول وخطط إستراتيجية للقضاء على الظاهرة.
ويعد تسرب الطلاب من المدارس العراقية، من الظواهر التي تعانيها البلاد، وقد أثرت على المستوى التعليمي، وأسهمت في انتشار الأمية، وكانت وزارة التربية العراقية، قد حاولت وضع حلول لها وبدأت في الأعوام الماضية تعاوناً مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” لوضع برنامج يعالج التسرب المدرسي وتعميمه في جميع مديرياتها بعموم محافظات البلاد، في خطوة للحد من اتساع الظاهرة.
وأطلقت الحكومة العراقية، بداية العام 2024 مبادرة “العودة إلى الدراسة”، التي تدعم الطلاب ممن تركوا المقاعد الدراسية للعودة إليها مجدداً، في خطوة تهدف إلى تطويق ظاهرة تسربهم، التي تفاقمت بشكل كبير بسبب ظروف مختلفة في البلاد أثرت على إمكانية الحصول على التعليم

1