أحدث الأخبار
الثلاثاء 16 كانون أول/ديسمبر 2025
عمان..الاردن قضية «اختناق الغاز» تتفاعل في الأردن.. الأسوأ يحصل: مطالبات بإقالة وزير بارز ومؤشرات «صراع قوى»!!
16.12.2025

*كتب بسام البدارين..ليس صعباً على الإطلاق تتبع وترصد حالة التصعيد التي ركب فيها بعض أعضاء مجلس النواب الأردني، بتسارع ملحوظ، موجة المطالبة بإقالة وزير بارز في الحكومة -المقصود هنا وزير الصناعة والتجارة- قبل انتهاء التحقيقات وتحديد المسؤوليات وترسيم الجهات المقصرة في ملف مدفأة الغاز، الذي تدحرج وتحول إلى ملف رأي عام في البلاد.قد يقتضي حجم الجدل لاحقاً إلى مستوى إصدار قرار بـ “حظر النشر” في تلك القضية، التي شغلت المواطنين والحكومة معاً بعد إغلاق الستارة على النقاشات والتقييمات.وليس صعباً على المراقبين الخبراء في المقابل، تأسيس الانطباع الذي يقول بأن الانطلاق المباغت والمفاجئ لأصوات برلمانية تدعو رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان لإقالة يعرب القضاة وزير الصناعة والتجارة، هو محطة ينبغي تأملها جيداً قبل بناء استنتاجات.الأعراف والتقاليد داخل مجلس النواب تقضي بالعادة تجنب التسرع في الدعوة إلى طرح الثقة بوزراء أو إقالتهم بموجب مذكرات مادامت الجهات القضائية بصدد الدخول في أي قضية على خطوط التحقيق، ومادامت اللجنة المختصة باسم البرلمان ولذي تمثله، لم ترسم بعد مساراتها.
صحيح أن الحادث أقرب إلى فاجعة حقيقية طالت مجدداً الطبقة الفقيرة في المجتمع، حيث توفي بسبب تسرب الغاز 14 مواطناً وفي وقت متزامن وقصير مع أول موسم الشتاء، وفقاً لرئيس لجنة الطاقة البرلمانية النائب أيمن أبو هنية.الجزئية الأكثر اشتباكاً في تلك الوفيات هي الإعلان رسمياً عن حالات من الوفيات، 9 منها في محافظة الزرقاء تصادف أنها نتجت عن استخدام خاطئ لإحدى المدافئ من ماركة تجارية حددت السلطات مسبقاً اسمها، مع أن مصنعها الرئيسي خرج للإعلام صباح الإثنين متحدثاً عن “منتج مقرر وخضع لكل الفحوصات، لكن تم تقليده”.السلطات قامت بـ “جمع المنتج” للمدفأة المشتبه بها، فيما صاحب المصنع الرئيسي أعلن بأنه أبلغ دائرة المواصفات والمقاييس منذ 3 سنوات عن وجود “أنماط مقلدة تسربت للأسواق”.في الأثناء، استمع الرأي العام عبر شاشة فضائية رؤيا، لخبير هندسي يصرح بأن الملصق المثبت على المدفأة يبلغ باللغة الإنجليزية المستهلكين بمدفأة مخصصة للأماكن المفتوحة وليس غرف المنزل.واضح تماماً أن مجلس النواب في طريقه للانفعال، ونواب مدينة الزرقاء تحركوا قبل غيرهم.النائب محمد الظهراوي، صرح قائلاً: “يجب عليهم الاستقالة جميعاً”، ويقصد الطاقم الوزاري كله.والنائب حسين العموش، بصدد توقيع مذكرة تطالب بإقالة وزير بارز في الطاقم الاقتصادي للحكومة، سبق له أن تقلد نفس موقعه عدة مرات، فيما يعلم النواب عموماً بأنه من الصعب تمرير معادلة تطيح فيها مذكرة برلمانية بأي من وزراء الحكومة ما دامت الإرادة السياسية لم تتوفر أو تقرر تطبيق مبدأ” المسؤولية الأدبية والأخلاقية”، بمعنى استقالة وزير مختص وطاقم من المديرين المسؤولين مباشرة في الميدان في توقيت له علاقة بحالات وفاة جماعية.
سبق لحكومات متعاقبة أن تعاطت مع أحداث مماثلة، تبدأ من عند أزمة الشاحنات في مدينة معان جنوبي البلاد، ثم حادثة الصوامع، ولاحقاً مستشفى السلط وتسمم الكحول، ثم ملف وفيات الحجاج.في حادثة واحدة ارتبطت باسم فاجعة البحر الميت، استقال وزيران في الحكومة. وفي حادثة مستشفى السلط، انسحب تلقائياً وبقرار ذاتي وزير الصحة آنذاك.دون ذلك، لم تطبق مبادئ المسؤولية الأدبية التي تعني الانسحاب والاستقالة فور حصول حادث ضحاياه كثر أو يقلق المجتمع عموماً.وهي مسألة في كل حال تدخل في سياق حسابات ضيقة ومتقاطعة وأحياناً حرجة.بعيداً عن التوقيت الملائم لتحقيق سيناريو المسؤولية الأدبية؛ بمعنى إقالة وزراء في الحكومة بمجرد حصول حوادث، يمكن القول إن تسارع بعض الأوساط البرلمانية في المطالبة بإقالة أحد وزراء الحكومة البارزين يبدو ملاحظة رصدها الجميع عموماً.قد تتحول هذه المطلبية إلى خطاب يمثل قاعدة أعرض من النواب الذين صادقوا للتو وبإجماع أفقي على الميزانية المالية، التي يعتبر من أبرز صناعها ومنتجيها ومنفذيها الوزير الذي يطالب بعض النواب بإقالته اليوم على خلفية ضحايا حوادث تسرب الغاز لأغراض التدفئة.لم تعرف بعد حدود وتفاصيل ترسيم رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان لخطة التعاطي مع القضية، لكنه التزم بمسطرة القانون في التعاطي مع أزمة مفتوحة الآن على احتمالات الضجيج والنقاش الحاد.صرح حسان: ملف ضحايا تدفئة الغاز المعروف باسم مدفأة الشموسة، سيحال إلى القضاء.يفترض بالعبارة الأخيرة حسم الجدل على أساس الفصل بين السلطات.والمعنى: السلطة التشريعية بالمنطق ينبغي ألا تتحرك باتجاه قول كلمتها مادام القضاء قد بدأ التحقيق، وهو لم يفعل بعد بانتظار التدقيق الفني في المسألة، علماً بأن السلطة التنفيذية تبدو أو بدت في سياق منطق دفاعي مبكر، الأمر الذي ساهم فيما يبدو في تصدر الأصوات الداعية لإقالة الوزير، ثم طاقمه الأدنى إدارياً وبيروقراطياً.المسألة بدأت تتدحرج على أكثر من مسار، وعلى أكثر من صعيد وبأكثر من لهجة.الإشارات واضحة ضمناً هنا على حادثة قد يكون للحكومة بعدها موقف أو إجراء ولها تأثيرات وبصمات، خصوصاً مع ظهور مبكر لحالة استقطاب حاد وأحياناً صدام، أو صراع بين مراكز القوى التي تقف حكومة الدكتور حسان وسطها بطريقة دراماتيكية وفي توقيت حرج.قال وزير الصناعة والتجارة: حادثة الغاز لن تمر مرور الكرام، لكن عالجه بعض النواب فوراً بعد ذلك التصريح بالدعوة إلى تحميله شخصياً المسؤولية وإقالته.المناخ في داخل مجلس الوزراء يبدو أنه ارتبك قليلاً، ودخلت في سياق الاشتباك مع هذه القضية اعتبارات شخصية أو مرتبطة بالمساحات التي تؤمن مراكز القوى المتعددة أنها تخصها أو معنية بها.ذلك أسوأ ما يمكن توقعه في مواجهة قضية مطلبية تتحول إلى قضية رأي عام.
**المصدر : القدس العربي


1