
أثارت تصريحات وزيرة فرنسية سابقة ورئيسة لجنة دعم الكاتب المسجون بوعلام صنصال، صدمة في الأوساط الفرنسية والجزائرية، بعد تهجمها على الجزائريين ووصفهم بأنهم إرهابيون محتملون في فرنسا، وهو ما حدا بالنائبة الفرنسية من أصول جزائرية صبرينة صبايحي لإخطار النيابة العامة.وذكرت صبايحي في تدوينة لها على حسابها الرسمي، إن “تشبيه ملايين الجزائريين بالمجرمين ليس رأياً، بل هو جريمة”، مضيفة أن “الكراهية والوصم لا يمكن التسامح معهما، ولهذا السبب أتقدم اليوم بإخطار إلى النائب العام للجمهورية”. وأوضحت أن هذه الاتهامات “تتجاهل تاريخ وأصالة شعب قاوم الظلم، حيث ناضل ملايين الجزائريين ضد الاستعمار، وواجهوا الإرهاب في عز العزلة الدولية، ودفعوا ثمن حريتهم بالدم”.وفي إخطار رسمي موجه بتاريخ 11 آب/أغسطس 2025 إلى النائب العام للجمهورية في باريس، استندت صبايحي إلى المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية للإبلاغ عن ما اعتبرته “تحريضاً علنياً على الكراهية”.وذكرت أن الأمر يتعلق بتصريحات الوزيرة السابقة نوال لونوار خلال ظهورها في برنامج على قناة “سي نيوز”، يوم 8 آب/أغسطس 2025 بين الساعة الثامنة والتاسعة مساءً، حيث قالت بالحرف: “لنأخذ مثال الجزائر، لديكم ملايين الجزائريين الذين يشكلون مخاطر كبيرة، يمكنهم أن يخرجوا سكيناً في المترو، أو في محطة، أو في الشارع، في أي مكان، أو يقودوا سيارة ويدخلوا بها وسط حشد.. حسناً، لا، من المبالغة أن نحتفظ بهم ستة أو سبعة أشهر حتى يرحلوا، طالما أنه ليس لهم ما يفعلونه عندنا، وبالإضافة إلى ذلك فهم يهددوننا”.وأشارت صبايحي في إخطارها إلى أن هذه العبارات “تعمم خطراً إجرامياً على ملايين الجزائريين استناداً فقط إلى جنسيتهم”، مذكّرة بأن المادة 24 من قانون 29 يوليو 1881 تُعاقب على التحريض العلني على التمييز أو الكراهية أو العنف ضد مجموعة بسبب أصلها أو جنسيتها. كما حذرت من أن هذه التصريحات تأتي “في مناخ متوتر تتصاعد فيه التصريحات السياسية والإعلامية العنيفة ضد الجزائريين”، مؤكدة أن صدورها من وزيرة سابقة وفي قناة ذات انتشار واسع يجعلها أكثر خطورة ويستوجب معاقبتها.أما نوال لونوار، فهي محامية وقاضية سابقة، تولت وزارة الشؤون الأوروبية في حكومة جاك شيراك بين عامي 2002 و2004، وشغلت عضوية المجلس الدستوري الفرنسي، إلى جانب مناصب عليا في هيئات فرنسية وأوروبية. وهي أيضاً رئيسة لجنة دعم الكاتب بوعلام صنصال، الذي صدر بحقه حكم في الجزائر بالسجن خمس سنوات بتهمة المساس بالوحدة الوطنية. وقد أدلت بتصريحاتها المثيرة للجدل خلال نقاش على القناة حول الهجرة غير النظامية وما وصفته بالتهديدات التي قد يشكلها بعض الأجانب المقيمين بصفة قانونية في فرنسا، إلا أنها خصّت الجزائريين بكلام وصِف بالجارح والعنيف، دون أي تدخل من مقدمة البرنامج لوقفها أو تصويبها.وتزامنت هذه القضية مع توتر دبلوماسي متصاعد بين الجزائر وباريس، تفاقم مؤخراً بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن تعليق اتفاق 2013 الذي يعفي حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من التأشيرة، إضافة إلى تجميد منح التأشيرات من “نوع د” لجميع الجزائريين، وهو ما بادلته الجزائر برد أكثر حزما بإعلان نقضها الاتفاق من الأساس، في خطوة تمثل تصعيدا جديدا في الخلاف القائم بين البلدين.
