
في أعقاب زيارة خاطفة ومفاجئة، غادر وزير الداخلية الباكستاني محسن نقوي كابول "حزينًا ويائسًا"، بعد مباحثات أجراها مع نظيره الأفغاني المولوي سراج الدين حقاني بشأن حركة طالبان الباكستانية. وقال مصدر رفيع في حكومة طالبان لـ"العربي الجديد"، فضل عدم الكشف عن هويته، الأحد، إنّ الوزير نقوي جاء إلى كابول برسالة مهمة من القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية، مفادها بأن الوضع في باكستان لم يعد قابلًا للتحمل، وأن إسلام أباد تطالب بعمل فوري ضد المسلحين الذين يهددون أمن البلاد، داعيًا كابول للتعاون.وأكد الوزير الباكستاني، وفقًا للمصدر، أن آلاف المقاتلين الأفغان يقاتلون في صفوف طالبان الباكستانية ضد الجيش الباكستاني، مما يزيد القضية تعقيدًا. كما أبدى استعداد بلاده لتلبية مطالب أفغانستان، بما في ذلك قضية اللاجئين ووضع جدول زمني لمعالجتها، إضافة إلى التعاون لحل مشكلات الحركة التجارية وتسهيل استيراد الاحتياجات إلى أفغانستان عبر الأراضي الباكستانية.من جانبه، أبلغ المولوي سراج الدين حقاني الوزير الباكستاني بأن أفغانستان عانت كثيرًا من ويلات الحرب، وتريد الأمن لنفسها وللمنطقة، مؤكدًا أن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها ضد أي دولة مجاورة. وأوضح أن الطبيعة المعقدة للمنطقة الحدودية والعلاقات القبلية المتجذرة تجعل من الصعب السيطرة الكاملة على التحركات هناك.وطالب حقاني إسلام أباد بالعودة إلى طاولة الحوار مع طالبان الباكستانية، معتبرًا أن الحل العسكري ضد أي جماعة في تلك المنطقة غير مجدٍ، ومعربًا عن استعداد حكومته لتسهيل الحوار، لكنه شدد على أن كابول لا تستطيع القيام بعمل عسكري ضد طالبان الباكستانية، إذ إن الحركة ليس لها وجود فعلي على الأراضي الأفغانية، بينما تسيطر على مساحات واسعة في مناطق القبائل وشمال غرب باكستان. وبحسب المصدر، بدا نقوي غير راضٍ عن ردود الجانب الأفغاني، وغادر كابول حزينًا ويائسًا، خاصة بعدما تعذر لقاؤه مع وزير الدفاع الأفغاني الملا محمد يعقوب، الذي أُبلغ بأنه مشغول.وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار قد زار كابول أيضًا يوم الخميس الماضي، حيث شارك في مباحثات ثلاثية مع أفغانستان وأوزبكستان، شهدت توقيع اتفاقية لتأسيس خط سكة حديد بين الدول الثلاث وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي. كما ناقش دار مع القيادة الأفغانية قضية طالبان الباكستانية، واجتمع بكل من المولوي سراج الدين حقاني، ووزير الخارجية الملا أمير خان متقي، ورئيس الوزراء الملا حسن أخوند.في الأثناء، تشهد مناطق شمال وجنوب غرب باكستان موجة عنف هي الأعنف منذ سنوات، كان آخرها مقتل ضابط برتبة عميد في انفجار بإقليم بلوشستان مساء السبت. كما نشرت طالبان الباكستانية مقاطع مصورة لمقاتليها وهم يجوبون شوارع مدينة بيشاور مدججين بالأسلحة، ما أثار الذعر بين السكان. وأعلنت الحركة صباح الأحد عن تنفيذ هجوم كبير على مركز للجيش الباكستاني في منطقة أعظم ورسَك شمال غربي باكستان، أسفر عن مقتل وإصابة عشرات الجنود، بينما لم تصدر السلطات الباكستانية تعليقًا رسميًا حتى الآن.
